responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 110
بَيْتُ: «قَالَتْ بَنَاتُ الْعَمِّ» الْمُتَقَدِّمُ، وَإِنْ كَانَ مَا بَعْدَهَا مِنْ جُمْلَةِ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ لَكِنَّهُ مَنْظُورٌ فِيهِ إِلَى جَوَابِ سُؤَالٍ يَخْطُرُ بِبَالِ السَّامِعِ فَالْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ الْبَيَانِيِّ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ الرَّضِيِّ بِالِاعْتِرَاضِ مِثْلَ قَوْلِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
لَا تَأْخُذَنِّي بِأَقْوَالِ الْوُشَاةِ وَلَمْ ... أُذْنِبْ وَإِنْ كَثُرَتْ فِيَّ الْأَقَاوِيلُ
فَإِنَّ مَوْقِعَ الشَّرْطِ فِيهِ لَيْسَ مَوْقِعَ الْحَالِ بَلْ مَوْقِعُ رَدِّ سُؤَالِ سَائِلٍ يَقُولُ: أَتَنْفِي عَنْ نَفْسِكَ الذَّنْبَ. وَقَدْ كَثُرَ الْقَوْلُ فِي إِثْبَاتِهِ.
وَقَوْلُهُ: لَا يَعْقِلُونَ شَيْئاً أَيْ لَا يُدْرِكُونَ شَيْئًا مِنَ الْمُدْرَكَاتِ، وَهَذَا مُبَالَغَةٌ فِي إِلْزَامِهِمْ بِالْخَطَأِ فِي اتِّبَاع آبَائِهِم من غَيْرِ تَبَصُّرٍ وَلَا تَأَمُّلٍ، وَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي كَلِمَةِ شَيْءٍ.
وَمُتَعَلِّقُ وَلا يَهْتَدُونَ مَحْذُوفٌ أَيْ إِلَى شَيْءٍ، وَهَذِهِ الْحَالَةُ مُمْتَنِعَةٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لِأَنَّ لِآبَائِهِمْ عُقُولًا تُدْرِكُ الْأَشْيَاءَ، وَفِيهِمْ بَعْضُ الِاهْتِدَاءِ مِثْلُ اهْتِدَائِهِمْ إِلَى إِثْبَاتِ وُجُودِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَى بَعْضِ مَا عَلَيْهِ أُمُورُهُمْ مِنَ الْخَيْرِ كَإِغَاثَةِ الْمَلْهُوفِ وَقِرَى الضَّيْفِ وَحِفْظِ الْعَهْدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلِهَذَا صَحَّ وُقُوعُ (لَوِ) الشَّرْطِيَّةِ هُنَا. وَقَدْ أَشْبَعْتُ الْكَلَامَ عَلَى (لَوْ) هَذِهِ لِأَنَّ الْكَلَامَ عَلَيْهَا لَا يُوجَدُ مُفَصَّلًا فِي كُتُبِ النَّحْوِ، وَقَدْ أَجْحَفَ فِيهِ صَاحِبُ «الْمُغْنِي» .
وَلَيْسَ لِهَذِهِ الْآيَةِ تَعَلُّقٌ بِأَحْكَامِ الِاجْتِهَادِ وَالتَّقْلِيدِ لِأَنَّهَا ذَمٌّ لِلَّذِينَ أَبَوْا أَنْ يَتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ، فَأَمَّا التَّقْلِيدُ فَهُوَ تَقْلِيدٌ لِلْمُتَّبَعِينَ مَا أنزل الله [1] .
[171]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 171]
وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لَا يَسْمَعُ إِلاَّ دُعاءً وَنِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (171)
لَمَّا ذَكَرَ تَلَقِّيَهُمُ الدَّعْوَةَ إِلَى اتِّبَاعِ الدِّينِ بِالْإِعْرَاضِ إِلَى أَنْ بَلَغَ قَوْلَهُ: وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا [الْبَقَرَة: 170] ، وَذَكَرَ فَسَادَ عَقِيدَتِهِمْ إِلَى أَنْ بَلَغَ قَوْلَهُ: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً [الْبَقَرَة: 165] الْآيَةَ، فَالْمُرَادُ بِالَّذِينَ كَفَرُوا الْمَضْرُوبِ لَهُمُ الْمَثَلُ هُنَا هُوَ عَيْنُ الْمُرَادِ مِنَ النَّاسِ فِي قَوْلِهِ: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً وَعَيْنُ الْمُرَادِ مِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا فِي قَوْله: وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا [الْبَقَرَة: 165] ، وَعَيْنُ النَّاسِ فِي قَوْلِهِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّباً [الْبَقَرَة: 168] ، وَعَيْنُ الْمُرَادِ مِنْ ضَمِيرِ الْغَائِبِ فِي قَوْلِهِ:

[1] قَالَ الألوسي: «فِي الْآيَة دَلِيل على الْمَنْع من التَّقْلِيد لمن قدر على النّظر، وَأما اتِّبَاع الْغَيْر فِي الدَّين بعد الْعلم بِدَلِيل مَا إِنَّه مُلْحق فاتباع فِي الْحَقِيقَة لما أنزل الله تَعَالَى، وَلَيْسَ من التَّقْلِيد المذموم فِي شَيْء، وَقد قَالَ سُبْحَانَهُ: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [النَّحْل: 43] «روح الْمعَانِي» (2/ 40، 41) ، ط المنيرية.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 110
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست